قال الجاحظ: مررت بمعلم وقد كتب لغلام: (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا). فقلت له: ويحك! فقد أدخلت سورة في سورة. قال: نعم، إذا كان أبوه يدخل شهرا في شهر، فأنا أيضا أدخل سورة في سورة، فلا آخذ شيئا ولا ابنه يتعلم شيئا.
* قال الجاحظ: رأيت معلما قد جاءه غلامان قد تعلق كل منهما بالآخر، فقال أحدهما: يا معلم، هذا عض أذني. فقال الغلام الثاني: ما عضضتها، وإنما عض أذن نفسه. فقال المعلم: يا ابن الخبيثة، أجملٌ هو حتى يعض أذن نفسه؟!
* قرأ صبي على معلم: (وإن عليك اللعنة) يا شيخ، وأخذ يكررها ويقف. فقال المعلم: عليك وعلى والديك! فقال الصبي: ليس فيه (وعلى والديك)، لكنه (عليك)، فهل ألحقه به؟
* قال بعضهم: رأيت معلما وهو يصلي، فلما ركع أدخل رأسه بين رجليه ونظر إلى الصغار وهم يلعبون، فقال: يا ابن البقال، قد رأيت الذي عملتَ، وسوف أكافئك إذا فرغت من الصلاة.
* قال الجاحظ: من أعجب ما رأيت معلما بالكوفة وهو جالس ناحية من الصبيان يبكي، فقلت له: يا عم، مم تبكي؟ قال: سرق الصبيان خبزي.
* قال الجاحظ: أتت امرأة إلى معلم بابن لها، وكان المعلم طويل اللحية، فقالت: إن هذا الصبي لا يطيعني، فأحب أن تفزعه. فأخذ المعلم لحيته وألقاها في فمه، وحرك رأسه، وصاح صيحة، فضرطت المرأة من الفزع وقالت: إنما قلت لك فزّع الصبي ليس إياي! فقال لها: مرّي يا حمقاء، إن العذاب إذا نزل هلك الصالح والطالح.
* قال بعضهم: مررت بمعلم صبيان يضربونه وينتفون لحيته، فتقدمت لأخلصه، فمنعني وقال: دعهم، بيني وبينهم شرط إن سبقتهم إلى الكتاب ضربتهم، وإن سبقوني ضربوني، واليوم غلبني النعاس فتأخرت، ولكن، وحياتك، إلا بكرت غدا من نصف الليل وتنظر فعلي بهم. فالتفت إليه صبي وقال: أنا أبات الليلة هنا حتى تجئ وأصفعك.
* قال الشعبي: سمعت أبا بكر يقول: مررت بمؤدب وقد تلا على غلام( فريق في الجنة وفريق السعير). فقلت: ما قال الله من هذا شيئا، إنما هو (فريق في الجنة وفريق في السعير). فقال: أنت تقرأ على حرف أبي عاصم بن علاء الكسائي، وأنا أقرأ على حرف أبي حمزة بن عاصم المدني. قلت: معرفتك بالقراء أعجب وأغرب!
ملحوظة: (المعلم أبدل وخلط في أسماء القراء)!!
* قرأ معلم على أبي العنبس: (هم الذين يقولون لا تنفقوا إلا من عند رسول الله). فقال له: يا ابن الفاعلة، أتلزم النبي بنفقة مالٍ لا تجب عليه؟!
* قال بعضهم: مررت بمعلم صبيان وعنده عصا طويلة وعصا قصيرة وصولجان وكرة وطبل وبوق، فقلت: ما هذا؟ قال: عندي صغار أوباش، فأقول لأحدهم اقرأ لوحك، فيصفر لي بضربة، فأضربه بالعصا الصغيرة، فيتأخر، فأضربه بالعصا الكبيرة، فيفر من بين يدي، فأضع الكرة في الصولجان وأضربه فأشجه، فتقوم إلى الصغار كلهم إلي بالألواح، فأجعل الطبل في عنقي والبوق في فمي، وأضرب الطبل وأنفخ في البوق، فيسمع أهل الدرب، فيسارعون إلي ويخلصونني منهم.