مما لا شك فيه أن سبب ما نراه اليوم رغم التقدم العلمي الكبير- من شقاء وخلل وتخبط وشرور إنما هو اغفال تنشئة الإنسان السوي الذي من أجل خلق الله هذا الكون وسخره لخدمته والحديث يكثر عن تربية النشيء ويكثر عن الانحرافات التي يعيشها المراهقون،
ويتألم الناس لارتفاع نسبة هذه الانحرافات خاصة في الشعوب التي دعت نفسها بالشعوب المتحضرة لسبقها في مجال العلوم الكونية، ومع كثرة الحديثة تغفل عن تناول الإنسان غير السوي سواء في المراكز القيادية أم الوظائف الادارية أو في المهن العمالية،
وخطر هذا الإنسان ليس بالخطر البسيط بل عليه تتوقف سعادة الأمم ونهضتها.
ويكثر الحديث عن التفكك الأسري علي نطاق الأسرة الواحدة التي هي نواة الأمة ونغفل كثيرا عن تحقيق أسباب الترابط بين الأسر في بناء الأمة كما نغفل أكثر عن تحقيق أسباب الترابط بين الأمم في تكوين المجتمع الانساني الأكبر.
واغفال البحث عن أسباب هذا الترابط في الحقيقة هو سر الأنانية التي هوت بالعالم إلي القاع وسببت ما نري من وحشية متمثلة في شتي أنواع الحروب بين الأمم، وفي ظلم القوي للضعيف وفي التمزق والصراعات التي يعيشها العالم في الحاضر، وأمام تلك المظاهر السيئة التي تفشت في المجتمع الدولي يزداد انحراف الشباب وتتسع الهوة بين أفراد المجتمع الواحد ومن ثم تحدث الفرقة وتشيع روح التفكك ويأخذ المجتمع طريقه للانهيار، ولاشك في أن انحراف الشباب في المجتمعات المعاصرة له أسباب عدة شجعت علي ظهوره وأدت إلي استمرار البعض له.
ولقد وضع الاسلام لكل هذه الأسباب ما يكفل القضاء عليها قبل أن تستفحل في النفوس أو تصبح عدوى تنتقل هنا وهناك، وأسباب انحراف الشباب كثيرة ومتعددة، منها ما ينبع. من داخل الأسرة ومنها ما تفرضه البيئة غير الصالحة.
ويعتبر التفكك الأسري من أخطر الأسباب التي تؤدي إلي انحراف الشباب ولذا فقد أخذت التعاليم الإسلامية الحيطة لذلك، وإمعانا في القضاء علي التفكك الأسري أعطي الإسلام المرأة الرشيدة الحق في اختيار زوجها ضمانا لحسن العشرة ودوامها.
ولقد شرع الاسلام المفهوم الطيب للزواج ورسخ معناه، قال تعالي: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة .
فالزواج في الاسلام ائتناس وتعاون وحب ومودة وسكن وطمأنينة وليس شجارا أو نزاعا أو استبعادا، ولا يزال القرآن الكريم يدعو لحسن المعاشرة يقول عز وجل: وعاشروهن بالمعروف .
والإسلام حريص علي أن يبعد الطلاق وينفي التباعد والتنافر، وما يمكن أن يجره من وبال علي الطرفين وعلي الأولاد..
قال تعالي: فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيرا كثيرا .
ورسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يؤكد ضرورة حسن المعاشرة بين الأزواج
بقوله: أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم رواه الترمذي.
وهكذا نجد أن الاسلام قد حرص حرصاً شديداً علي تجنيب الأبناء الحرمان من العطف والحنان وكفل لهم الرعاية التي تصونهم من الانحراف بسبب التفكك الأسري والطلاق؟